عاشر عشرة في الجنة

الإخوة والأخوات الكرام



سلام الله عليكم ورحمته وبركاته


اليوم بمشيئة الله نُكمل المسير مع الصحابي السابع والعشرون من السلسلة
المباركة سلسلة " الصحابة الكرام حول الرسول عليه الصلاة والسلام "
مع " عاشر عشرة في الجنة " ومن الله العون والسداد والتيسير .



هو عاشر عشرة في الجنة ،وحليف الأنصار ، ومن خواص الصحب الكرام .



كان من أحبار اليهود ، ثم صار عالما ً جليلا ً في الإسلام
.


إنه عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ، الأنصاري ، وكان اسمه في الجاهلية الحُصين ، وسماه رسول الله - صلى الله علية وسلم - في الإسلام حين أسلم عبد الله .
كان إسلامه مبكرا ً في بدء قدوم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة دار الهجرة .



وعنه قال عليه الصلاة والسلام :


" إنه عاشر عشرة في الجنة " حديث صحيح . أخرجه البخاري (1/73) في تاريخه الصغير .
" يدخل من هذا الفج رجل من أهل الجنة " فجاء عبد الله بن سلام.حديث صحيح أخرجه أحمد (9/148، 183)


فلما قدم الرسول عليه الصلاة والسلام المدينة أنجفل ( أي ذهبوا نحو الشئ مسرعين ) الناس عليه ، فكان فيمن أنجفل ، فلما رآه ، عرف أن وجهه ليس بوجه كذاب ، وكان أول شئ سمعه قوله – صلى الله عليه وسلم .



« يا أيها الناس .. أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصِلوا الأرحام ، وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام » حديث صحيح . أخرجه الترمذي (2487) ، وابن ماجه (1334) .


هكذا كان أول دخول النور إلى قلبه ، هذا هو أول الطريق إلى نور الإسلام .



وبعد سماع عبد الله بن سلام هذه الصفات الحميدة ، أخذ يفكر ، ماذا يفعل ؟



إن الإسلام بمبادئه يكاد يسيطر على تفكيره ، وأخيرا ً قرر عبد الله بن سلام دخول الإسلام ، ولكن لابُدّ من اليقين ، وهنا ذهب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، وقال :


إني سائلك عن ثلاثٍ لا يعلمها إلا نبي .


ما أول أشراط الساعة ؟


وما أول ما يأكل أهل الجنة ؟


ومن أين يشبه الوالد أباه وأمه ؟



فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – " أخبرني بهن جبريل أنفا ً "


قال عبد الله بن سلام : ذاك عدو اليهود من الملائكة .


قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
" أما أول أشراط الساعة فنارٌ تخرج من المشرق ، فتحشر الناس إلى المغرب ، وأما أول ما يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت ، وأما الشبه ، فإذا سبق ماء الرجل نزع إليه الولد ، وإذا سبق ماء المرآة نزع إليها "



قال عبد الله بن سلام : أشهد أنك رسول الله .


يارسول الله ، إن اليهود قوم بُهتٌ ، وإنهم إن يعلموا بإسلامي بهتونى ، فأرسل إليهم فسلهم عنى .



فأرسل إليهم ، فقال – صلى الله عليه وسلم – " أي رجلٍ ابن سلام فيكم ؟ "


قالوا : حبرنا ، وابن حبرنا ، وعالمنا ، وابن عالمنا ، وسيدنا ، وابن سيدنا .


قال : " أرأيتم إن أسلم تسلمون ؟ " حديث صحيح أخرجه البخاري (3938) .

قالوا : أعاذه الله من ذلك .


قال : فخرج عبد الله بن سلام ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا ً رسول الله


قالوا : شرنا وابن شرنا ، وجاهلنا وابن جاهلنا .
فقال عبد الله بن سلام : يا رسول الله ، ألم أخبرك أنهم قوم بُهت ؟!



وهكذا كان إسلام عبد الله ضربة قاصمة لظهور اليهود ، لقد كان أعلمهم بالتوراة ، وأعلمهم بالإنجيل ، وها هو يترك دينهم إلى الإسلام .



وظل ابن سلام يجاهد تحت راية الإسلام ، مخلصا ً من كل قلبه ، حتى كان ذلك اليوم الذى جاء فيه إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – وجلس بين يديه ، وقال :



رأيت كأني في روضة – ذكر من سعتها وخضرتها – وسطها عمود من حديد ، أسفله في الأرض ، وأعلاه عروة ، فقيل لي : ارقه ، قلت : لا أستطيع .


فأتاني منصفٌ ( الخادم ) ، فرفع ثيابي من خلفي ، فرقيت حتى كنت في أعلاها ، فأخذت في العروة ، فقيل لي : استمسك ، فاستيقظت ، وإنها لفي يدي .


فماذا ترى ؟



قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " تلك الروضة : الإسلام ، وذلك العمود : عمود الإسلام ، وتلك العروة عروة الوثقى ، فأنت على الإسلام حتى تموت " حديث صحيح . أخرجه البخاري (3183) ، (7010)


وظل عبد الله بن سلام على الإيمان والإسلام ، حتى جاءته المنية في سنة 34ھ بمدينة الرسول عليه الصلاة والسلام ، فرضي الله عنه ، وأرضاه ، وجعل أعلى عليين مأواه .


أحبتي في الله


أرجو أن أكون وُفقت في سرد القليل من حياة هذا الصحابي الجليل و قريبا إن
شاء الله نُكمل المسير مع بطل كريم جليل حول الرسول عليه الصلاة والسلام
اللقاء القادم إن شاء الله مع "رجل يدخل الجنة بغير حساب "



اللهم ارزقنا محبتك ، وأنعم علينا بالنظر إلى وجهك الكريم ، في جنات النعيم ، وصحبة النبي الهادي الأمين




وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين





تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال



مع وافر تحياتي



وتقديري



ا