فقوله خيلٌ صِيامٌ، أي ممسكة؛ فالصِّيام في اللغة: الإمساك.
والصِّيام في الشَّرع: قال الحافظ: إمساك مخصوصٌ في زمن مخصوصٍ، عن شيء مخصوص، بشرائط مخصوصة.
وهو التَّعبُّد لله ـ سبحانه وتعالى ـ بالإمساك عن المفطرات مِن طلوع الفجر الصَّادق إلى غروب الشَّمس.
شهـوتَهُ
قال الراغبُ: أصل الشَّهوةِ: نزوع النَّفس إلى ما تُريدُهُ...
وذلك في الدنيا ضربان: صادقة، وكاذبة.
فالصَّادقة: ما يختَلُّ البدن مِن دونه، كشهوة الطعام عند الجوع. والكاذبة: ما لا يختَلُّ من دونه.
وقد يُسمَّى المشتَهَى شهوةً، وقد يُقال للقوَّةِ التي تشتهِي الشَّيء: شهوةً، وقوله تعالى: "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ..." يحتمل الشَّهوتين.
وقوله تعالى: "فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً"، فهذا مِن الشَّهوات الكاذبة، ومِن المُشتهيات المستغنى عنها.
والذي يظهر أنَّ المقصود بها في هذا الحديث كما قال المُلا علي القاري: الشَّهوةُ كناية عن الجماع والطعام: عبارة عن سائر المُفَطِّرات، وقُدِّمَ الجِماع اهتمامًا بشأنه فإنَّه أقبح مُفسداته.
الخَـلُـوفُ
قال ابن منظور: خَلَف اللبن وغَيُرَ، وخَلُفَ يخلُفُ خُلوفًا: تغيَّر طعمُه وريحُهُ؛ وخلَفَ الصَّائم خُلوفًا أي تغيَّرَت رائحتُهُ. وعن النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ "لخَلوفُ فمِ الصَّائم.." وفي رواية: " خلفةُ فمِ الصَّائم أطيب عن الله من ريح المسك"؛ فالخِلفَةُ، بالكسرِ: تغيُّرُ ريح الفمِ، والَلوف كذلك بسببِ تأخُّرِ الطَّعام.
جُـنَّـةٌ
مِن جنَنَ، وجنَّ الشَّيء جَنًّا: ستَرَه، وكل شيء سُتِرَ عنك فقد جُنَّ عنك، وجَنَّ عليه الليلُ ستَرهُ، وسُمِّي الجنُّ جِنًّا لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار، وكذلك الجنين لاستتاره في بطن أمِّهِ.
وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " الصَّـوم جُنَّة" أي يقي صاحبه ما يؤذيه مِن الشَّهوات، وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " الإمامُ جُنَّة" لأنه يقِي المأموم الزَّلَلَ والسَّهوَ.
فالصيِّام وقاية لصاحبه من المعاصي في الدنيا والنَّار في الآخرة والله أعلم.
قال عياض: يَستُرُ مِن الآثام أو مِن النَّار أو بجميع ذلك. وبالأخير قطع النوويُّ.
يَـرْفُثُ
الرَّفَثُ: الجِماعُ وغيرُه مما يكونُ بين الرجل وامرأتِهِ، يعني التَّقبيل والمغازلة ونحوهما مما يكون في حال الجِماع.
والرَّفَث: أيضًا الفُحشُ مِن القولِ، وقال الأزهريُّ: الرَّفَثُ: كلمة جامعة لكلِّ ما يُريدُهُ الرجل مِن المرأة.
والذي يظهرُ لي: أنَّ معنى الرَّفَثِ في الحديث الجماع فقط، أما مقدِّماته فلا، لأنَّ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يباشِرُ وهو صائمٌ، كما يشمل الرَّفَثُ الفُحْشَ في الكلام. والله أعلم.
يَصْخَـبْ
الصَّخَبُ: الصياحُ والجَلَبَةُ والضَّجَّةُ والعِياطُ، وشدَّةُ الصَّوت واختلاطهُ عند الخِصام ونحوه.
ومِن صفات النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث كعبٍ: قال في التَّوراة: "مُحمَّدٌ عَبدي، ليس بفظٍّ ولا غَليظ ولا صَخوبٍ في الأسواق"؛ وفي رواية: "ولا صخَّاب".
ومِن صفات أهلِ النِّفاقِ الصَّخَبُ، في الحديثِ: "صَخبٌ بالنَّهار" يعني المنافقين صيَّاحون في النَّهارِ ومُتجادلون.
سابَّـه
السَّـبُّ: الشَّتْمُ الوجِيعُ؛ يُقال: سبَّهُ يسبُّهُ سبًّا وسِبابًا.
قاتَلَـهُ
قال العَينِيُّ: معنى قاتَلَهُ نازَعَهُ ودافَعَهُ. فالقَتلُ يُطلَق على اللَّعْنِ، واللَّعْنُ مِن جملةِ السَّبِّ، وليس كلُّ قتالٍ بمعنى القتل، كما في حديث المارِّ بينَ يدَيِ المصلِّي: "قاتِلْهُ فإنَّه شيطانٌ" أي: دافِعْهُ عَن قِبْلَتَك.